محمد المخلافي / 10 الجمعة , مايو, 2024
هل الموت السريري .. قدرُنا كيمنيين
تساؤل أصبح حاضراً في يوميات شريحة واسعة من اليمنيين ، حتى أن الحديث عن الماضي العظيم للحضارات اليمنية الذي كنا نواسي به أنفسنا كنوع من أنواع المسكنات لنسيان الكارثة التي تتعاظم مع مرور كل يوم لم يعد ذا تأثيرٍ ملموس على وجداننا ، خاصة مع الصعود المستمر للدول المجاورة في الاقليم نحو مستويات أعلى مما كانت عليه وبسرعة كبيرة ، بالمقابل سقوط واقعنا نحو مستويات أعمق من المستنقع الكبير الذي تعيشه عدة دول أخرى في المنطقه ..
يصحو الشاب اليمني كل يوم على رحلة البحث عن ضروريات لم تعد حقوقاً في معظم المجتمعات .. بل أمور مفروغ منها اذا أقتنع المرء بواقعه كإنسانٍ بسيط يعيش في دول العالم الثالث في القرن الحادي والعشرين ..
طريق مختصر للتنقل ، غاز للطبخ ، وكهرباء للإنارة والشحن ، وعلاج لبعض الأوبة التي تخلص منها العالم قبل عقود طويله ، وتعليم لا يجعل الأبناء أعداءاً لعائلاتهم أو يحيلهم إلى صوراً في معارض الشهداء
سيقول أحد المحايدين الذين لا ينتمون إلى هذا الطرف أو ذاك .. الجميع أجرم في حقنا ..
الحوثي انقض على مؤسساتنا وقام بتدميرها والشرعية تركتنا نواجه مصيرنا والأحزاب ذهبت في طريقها بحثاً عن الحفاظ على مكتسباتها السياسية التي لا تعدو عن بعض الامتيازات الادارية والمالية في ماتبقى من هيكل الدولة لقياداتها الأزلية التي باتت في أبعد نقطة يمكن أن تفصلها عن قواعدها الشعبية في المدن قبل الأرياف
هذا ما يُطرح في الشارع اليمني بلا مواربه ، تظهر أصوات تعاني مما يعانيه السواد الاعظم من الناس لكنها أكثر حكمةً في قياس مآلات الأمور ، لتقول للناس بصوت مقنعٍ وملموس ، أي فساد قد قد يعاني منه جسد الدولة ذات المشروعية يمكن معالجته أو حتى اقتلاعه عبر تحرك شعبي ، لأن الدولة ملتزمة بسماع صوت المواطن وتحمل انتقادته ، وهذا ما حدث عام ٢٠١١ ، خرج مجموعة من شباب المعارضة وأجبروا نظاماً بكل أركانه على تسليم السُلطة رغم امتلاكه جيشاً جراراً قادراً على سحق كل من يخالفه الرأي ..حقناً للدماء على الأقل كما كان يدعي ، هذه هي الميزة الأكبر لمشروعية الحكومة ورمزية الدولة إلى جانب تسليمها لمرتبات الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها رغم أن إيرادات الحوثيين أكبر بكثير مع توقف عملية تصدير النفط .
أصحاب تلك الأصوات يرتكزون على معرفتهم بالإمامة وتاريخها الطويل في البطش باليمنيين واستعبادهم وتدمير أحلامهم ليبقوا "عُكفةً" تحت أقدام رموز سلالة لم تألو جهداً في تركيع اليمنيين وتجويعهم واستعبادهم على مدار ألف عام وقرنين .
ولأن اليمن أصبح جزءاً من اللعبة السياسية الدولية في الشرق الأوسط عبر استغلال إيران لموقعه الجيوسياسي في صراعها الدولي والاقليمي ، وادارة الولايات المتحدة لصراعاته الداخلية كي يبقى ورقة من أوراقها في التعامل مع الخليج ، بات الجميع أكثر ادراكاً بأن المستقبل اليمني يزداد غموضاً ،
لكن حالة المراوحة العسكرية الممتدة لثلاث أعوام تحت مظلة هدنة غير معلنة وبرغبة أمريكية ملحة مرتبطة بوعود سابقة لإدارة بايدن بإنهاء حرب اليمن ، واحتياج اقليمي للخروج من حالة الصراع والتهديد العسكري والتفرغ لبرامج اقتصادية طموحه ، حالة المراوحة هذه أصابة المواطن اليمني بنوع من التبلد قد تصل حد اليأس ، لأن رهانه الوحيد منذ البداية كان قائماً على أن هنالك جيوشاً يمنيه ستأتي لتحريره !!
ولم يضع في الحسبان يوماً أن كل تلك التشكيلات العسكرية تنتظر منه أن يحرر نفسه بنفسه .. مما ساهم في صناعة نوع من الحاجز النفسي مع مرور سنوات طويلة استغلتها الميليشيا الحوثية إعلامياً واجتماعياً كقوة ردعٍ نفسيه ضد كل من ينتقدها أو يطالب بحقوقه المتواضعه ويوجه اللوم إليها كسلطة أمرٍ واقع تحكمه منذ عقد !!
هنا يتبادر إلى ذهن المواط السؤال الذي بدأنا به هذه المساحة .. هل الموت السريري بات قدرُنا كيمنيين