أحمد اليفرسي - نائب رئيس التحرير / 13 الاثنين , مايو, 2024
اليمن والسعودية دروب الإخاء
ما يربط المملكة العربية السعودية مع اليمن أكبر من أن تجرِّفه جماعة طائفية بأعمالها الإرهابية وبعدوانها على اليمن وتطاولها على المملكة، فعلاقة اليمنيين بأشقائهم في المملكة العربية السعودية هي علاقة تتجاوز علاقات الجيرة الجغرافية إلى علاقات ديمغرافية وجيوسياسية استراتيجية.
الوحدة والتلاحم الفكري والإيديولوجي والثقافي والقبلي بين الشعبين هو ما يميز العلاقة، وهدف ميليشيا الحوثي هو ضرب تلك الوحدة الفكرية والثقافية والانسجام العاطفي السيكولوجي وتخليق حالة من العداء المفضي إلى سلوك عدواني تجاه الاشقاء في المملكة حكومة وشعبًا.
يرى الحوثيون أن عقائدهم وأفكارهم وثقافتهم غير مقبولة داخل منظومة القيم اليمنية، ويرون أن سبب هذا الرفض المجتمعي يعود في جانب كبير منه إلى ذلك الانسجام الثقافي والقيمي الذي يربط اليمنيين مع أشقائهم، فيعمدون إلى شيطنة المنظومة القيمية للمجتمع السعودي، ومن ثَمّ شيطنة المنظومة القيمية اليمنية المنسجمة معها.
لقد فشل الحوثي حتى اللحظة في حلحلة الروابط الأخوية على المستويات المعرفية والفكرية بين المجتمع اليمني وأشقائه في السعودية، ولكنه لم ييأس وبادر إلى طريقة غسل أدمغة الجيل الجديد ابتداء من السن المبكرة وهي سن الالتحاق بالصفوف الدراسية، كي ينشئ جيلًا منفصلًا عن ثقافته وهويته الأصيلة، ويقوم الحوثي عبر الدورات والمراكز المفتوحة والمغلقة وعبر كافة الفعاليات الطائفية والمناهج الدراسية بخلق هوية جديدة مرتبطة بالمراجع الشيعية في إيران ولبنان والعراق واليمن ومحو كل صلة بالرموز الدينية والوطنية اليمنية أو العربية الأخرى، ومن ثم تحويل الجيل إلى جيل عدواني حاقد على اليمنيين والأشقاء ومستعد للتجنيد ضمن المشروع الخميني الحوثي.
أكبر جالية يمنية خارج اليمن سواء تلك التي نزحت جراء الحرب أو التي خرجت للبحث عن فرص عمل خارج اليمن هي تلك التي تقطن المملكة العربية السعودية، الجالية اليمنية الأكبر في العالم تستوعبها السعودية في أراضيها وتوفر لها فرص عمل كريمة سدت كثيرًا من متطلبات الحاجة اليومية لعشرات الملايين من اليمنيين في الداخل.
السعودية هي المتنفس الوحيد الباقي مفتوحًا أمام اليمنيين للخروج من جحيم المعاناة التي صنعتها ميليشيا الحوثي
أكثر من 3 ملايين يمني يقيمون في المملكة ويعيلون وراءهم أكثر من 15 مليون يمني من أسرهم في الداخل على أقل تقدير، والسعودية هي المتنفس الوحيد الباقي مفتوحًا أمام اليمنيين للخروج من جحيم المعاناة التي صنعتها ميليشيا الحوثي، هذه الأعداء من اليمنيين في السعودية خلافًا لأعداد مضاعفة سنويًا من أسر المعتمرين والزائرين تصنع لليمنيين غسيلًا ثقافيًا لأوساخ الدعايات الحوثية التي تلقوها في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون،
تتحول السعودية إلى مهوى لأفئدة اليمنيين جميعًا، ويزداد تعلق اليمني بهذا البلد كلما رأى بعينيه كذب الدعاية الحوثية ولمس بنفسه عبر الزيارات ما تنعم به هذه الدولة من أمن وأمان ورخاء، وتقدم في كافة المجالات، وما يكنه الأشقاء لليمن أرضًا وإنسانًا من تقدير واحترام.
يمجد الحوثيون إيران تمجيدًا تظن معه أنها أغرقت اليمن بالمساعدات والمشاريع التنموية، ويهاجمون المملكة التي إلى الآن بلغت مساعداتها لليمن خلال العقود الماضية تجاوزت 20.6 مليار دولار كمساعدات عينية ونقدية وإغاثات، خلافًا لما تمثله السعودية للعامل اليمني والمستثمر والتاجر والطالب والأكاديمي، والحرفي، من فرص عمل متاح، بينما لم تقدم إيران لليمنيين سوى القتل والتشريد، وكل ما يساعد الحوثيين على مضاعفة الكارثة والمآسي على رؤوس اليمنيين.