أحمد اليفرسي - نائب رئيس التحرير / 30 الجمعة , أغسطس, 2024
الكفاح المسلح من أجل السلام واستعادة الدولة هو الحل
قالوا بأن (قادة الأحزاب) سيشهرون تكتلا جديدًا، وكأن اليمن تنقصها إعادة تموضع لهذه الأحزاب وقياداتها العتيقة. وبالتالي ستستهلك مصاريف جديدة ودعم جديد وأفكار عقيمة تضاف إلى الخيبات السابقة. فاقد الشيء لا يعطيه، ومن كان جزءًا من المشكلة لعقود، لا يمكن أن يبدع حلولا للمستقبل، بل سيجترح مزيدًا من الفشل والذهاب نحو المجهول.
أنا لست متشائما كما سيقفز إلى ذهن بعض الطيبين الذين لا يرون إلا من خلال ما يراه قائد الحزب والزعيم؛ فهو الأكثر دراية والأكثر حنكة في تقدير الأمور، ولست أيضًا ضد التكتلات السياسية الوطنية، فاجتماع الشمل والوحدة الوطنية هدف نبيل، لكن التجربة خير برهان، وواقعنا الكارثي اليوم لم تصنعه قيادات دولة وأحزاب جاءت من موزمبيق، هم هؤلاء أنفسهم صناع كل أزمة ورفاقها، إضافة إلى قادة ورموز غيرهم غيبهم الموت الحقيقي والمعنوي، وآخرون خلف الصورة لا زالوا يقودون البلد بلا مشروع وطني وبالتالي فرطوا بالمشروعية.
لم تعد اليمن في حال يمكن أن تتحمل ترفا سياسيًا يستفرغ طاقات أعضاء أحزابه بالجدل البيزنطي، وتمييع القضية الوطنية لتتحول إلى فقرة في جدول أعمال الأحزاب السياسية.
يكون للعمل السياسي جدواه حين تتمكن الدولة، وتستعيد سطوتها على كامل جغرافيا البلد، وتستحكم في كافة تفاصيل شؤونها. أما في هذه الحال فلا سياسة ولا تحزبات مجدية. التكتلات المسلحة تجاَوزت الأحزاب، وصارت تمتلك من النفوذ والإمكانيات والتأثير والوجود على الأرض ما غيب أدوار الأحزاب وتأثيرها، وجغرافيا البلد باتت مقسمة تنزف كل ساعة ولحظة، وأقصى ما تستطيعه الأحزاب إصدار بيان تنديد، أو بيان مباركة وتأييد..
ما يجدي هو تكتل شعبي وطني جامع يرفع خيار البندقية كخيار أوحد للتحرير واستعادة الدولة، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه بالقوة، وفرض واقع جديد على الأرض، واقع دولة لا ميليشيا، بقوة الدستور والقانون والجيش والكفاح المسلح.. وأول خطواته أن يعود هؤلاء القادة جميعا وكل الشلل التي تتبعهم وكل ناشط وقيادي بالخارج مع عوائلهم إلى الوطن حاملين أرواحهم على أكفهم، وسنخرج معهم حين يعزمون على العودة الجماعية للوطن.. حياة أو موت..
الأحلام الكبيرة لا تتحقق بالأفعال الصغيرة، وحلم شعبنا أن يتحرر من الكهنوت، وأن تدحر عصابات الدجل والإمامة، وأن يُستعاد شتات الدولة تحت قيادة وطنية واحدة. وهذه الأحلام لن تحققها تحركات بحجم ما فعلته الأحزاب بتمويل USAID.
الحل الأمثل هو أن يعود القادة والناشطون والمؤثرون جميعا والإعلاميون وكافة من نزح للخارج؛ أن نعود بعوائلنا للداخل، عودة (جماعية يتقدمها كل الكبار والقادة من كل المستويات بكل الأحزاب والجماعات والشخصيات كافة) ونصنع واقعنا بأيدينا ودمائنا ونناضل ونضحي، ونرفع شعار يا حياة في عز وجمهورية ودولة مؤسسات وقانون، أو موت بشرف وبطولة.. هذا ليس أمنية مستحيلة التحقق؛ إنه الطريق الوحيد لاستعادة الدولة والوطن، فإن التاريخ لا يصنعه السياسيون والقادة والنشطاء النازحون من شرفات غرفهم المكيفة، بل يصنعونه حين يعودون يحملون أرواحهم ثمنا لأمنياتهم.